الأربعاء، 31 يوليو 2013

الكونغرس يوافق على التجسس الهاتفي


في ظل الانتقادات المستمرة التي تتعرض لها الإدارة الأميركية بعد تسرب معلومات عن برنامج "بريزم" التابع لوكالة الأمن القومي والذي يهدف إلى التجسس على شبكات الاتصالات ومستخدمي الإنترنت، صوّت مجلس النواب الأميركي هذا الأسبوع لصالح استمرار برنامج آخر للوكالة يعنى بالتجسس على معلومات الاتصالات الهاتفية في الولايات المتحدة، رافضا بذلك مقترحا تقدم به النائب جستين أماش لتقييد سلطة وكالة الأمن القومي وصلاحياتها فيما يتعلق بجمع المعلومات عن مستخدمي شبكات الهاتف الأميركية.

ويتمحور مقترح النائب أماش، والذي أيده 205 نواب مقابل 217 معارضا، حول نزع صلاحيات وكالة الأمن القومي في جمع المعلومات عن جميع المكالمات الهاتفية لجميع سكان الولايات المتحدة الأميركية، وإتاحتها فقط في الحالات الخاصة التي يمكن للوكالة فيها مراقبة اتصالات الأشخاص المشتبه فيهم ضمن سياق تحقيقات قانونية حصرا. ويضمن رفض هذا المقترح استمرار تمويل برنامج التجسس وتفويض وكالة الأمن القومي بالاستمرار في جمع المعلومات الاستخباراتية من شبكات الهاتف في الولايات المتحدة. مع الإشارة إلى أن تمويل هذا البرنامج يأتي من ميزانية الاستخبارات السرية التي تبلغ ثلاثين مليار دولار أميركي.

وكان البيت الأبيض قد أعلن على لسان المتحدث باسمه قبيل جلسة التصويت عن معارضته لهذا المقترح، معتبرا البرنامج إحدى أدوات أجهزة الاستخبارات الأميركية لمكافحة الإرهاب.

معارضة شعبية
وتعارض غالبية الشعب الأميركي برامج الحكومة للتجسس على مكالماتهم الهاتفية، ففي استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي بي إس" CBS للأنباء، أشار 67% من المستطلعين إلى أنهم يعارضون قيام الحكومة بجمع وتحليل معلومات اتصالاتهم الهاتفية. واعتبر المحللون أن ضيق هامش التصويت -إذ إن القرار صدر بغالبية 12 صوتا فقط من أصل 422- يشير إلى الانقسام الحاد في المجتمع الأميركي حيال اتساع سلطات وصلاحيات أنشطة التجسس الحكومية، واعتبارها إساءة لاستغلال السلطة من قبل الرئيس وحكومته.
أما تداعيات هذا القرار فستنعكس دون شك على برنامج التجسس الآخر لوكالة الأمن القومي "بريزم" والذي يهدف إلى جمع كم هائل من المعلومات عن مستخدمي شبكة الإنترنت حول العالم. ويقوم برنامج "بريزم" الذي بدأ منذ العام 2007 بجمع المعلومات من تسع شركات تقنية عملاقة منها غوغل وفيسبوك وأبل ومايكروسوفت، إذ يبدو أن دوائر القرار في الولايات المتحدة ستستمر في دعم هذا البرنامج والذي لا تقتصر تغطيته على سكان الولايات المتحدة الأميركية، بل تشمل جميع أنحاء العالم.

وكان تسريب معلومات برنامج "بريزم" قد أدى إلى هروع مستخدمي شبكة الإنترنت في دول عدة إلى اعتماد تقنيات تحميهم من تبعاته كاستخدام أدوات تشفير الاتصالات وأدوات الشبكات الخاصة الافتراضية والتي تجعل من الصعب على المتلصصين اعتراض سبيل المحادثات والتنصت على محتواها. وشهدت مبيعات الشركات التي تقوم بتوفير مثل هذه الخدمات إقبالا هائلا خلال الأشهر القليلة الماضية سواء من قبل الأفراد أو الشركات التي لم يرق لها استباحة اتصالاتها وأنشطتها.

أدوات قانونية
أما فيما يتعلق بقانونية استخدام أدوات الحماية هذه فهي قانونية من حيث المبدأ سواء لسكان الولايات المتحدة الأميركية أو من يعيشون خارجها. فمن حق المواطنين الأميركيين حماية اتصالاتهم الخاصة، في حين لا سلطة لوكالة الأمن القومي على من لا يعيش في الولايات المتحدة، لكنها تعتمد على تواجد غالبية شركات الإنترنت على التراب الأميركي وبالتالي يمكنها الوصول إلى معلومات مستخدميها.

وفي ظل ميل المشرّعين في الولايات المتحدة إلى ترجيح كفة التجسس وجمع المعلومات على حساب حماية الخصوصية والحرية الشخصية، ينبغي أن يفكر مستخدمو تقنيات المعلومات والاتصالات في جميع أنحاء العالم بمدى أهمية خصوصيتهم على شبكة الإنترنت، واتخاذ القرارات الملائمة فيما لو أرادوا حماية اتصالاتهم وتجنب التلصص على أنشطتهم. إذ يبدو أن أبواب برامج التنصت والتجسس قد شرّعت، ولا يظهر بأنها ستغلق عما قريب.

المصدر:الجزيرة

Tags